burger-bars
الطفل الذي لم يولد بعد

من صفات الله الخاصة به أنه كلّي القدرة وكلّي الوجود وكلّي الحكمة وكلّي المعرفة، وعلى هذا الأساس نؤمن أن الله قادر أن يفعل ما يشاء ويقرر ما يشاء ويبقى في الوقت عينه الله الكامل الصفات.

ونؤمن أن الله بقدرته وحكمته تجسد في شخص ربنا يسوع المسيح دون أن يتغير، بل بقي هو الله كما يخبرنا عنه الكتاب المقدس. وقبل أن نتحدث عن سبب تجسد الله، سنتحدث عن بعض صفات الله الخاصة به:

الله القدير المشير العليم الحكيم

قال الله في الكتاب المقدس في سِفر التكوين 17: 1 ، وكلام الله جاء في معرض وعد الله لإبراهيم بأن يهبه ابناً من سارة. وقال السيد المسيح في إنجيل متّى 19: 26 ، وقال المرنم في سِفر المزامير 115: 3 ، وفي المزمور 135: 6 . هذه النصوص تعلن لنا وتخبرنا وتؤكد على قدرة الله العظيمة. كما أن الله في الكتاب المقدس على الدوام موضوع تسبيحاتنا ومركز ثقتنا لأنه يملك ويفعل كما يشاء وهو المشير ولا يمكن أن يُشار عليه، كما يذكر لنا الوحي الإلهي في الإنجيل المقدس في رسالة رومية 11: 33 - 36 ، لذا فإن الله استطاع أن يتجسد في أحشاء العذراء مريم لأنه "القوي الجبار القدير المشير العليم الحكيم ..." لا يعسر عليه أمر وكل شيء مستطاع عنده.

الله لا يتغير بجوهره الإلهي

قد يسأل أناس: "كيف تصفون الله بعدم التغير وهو صار بشراً؟"، والجواب بكل بساطة أن التجسد هو في قصد الله منذ الأزل، ولا شك أن جوهر الرب يسوع المسيح الإلهي لم يتغير في الاتحاد بالطبيعة الإنسانية، بل دخل في علاقة جديدة بجنسنا البشري وكل تغير في المسيح في حياته على الأرض كان خاصاً بناسوته أي ببشريته فقط، لذا التغيير في الذات الإلهية لم يحصل أبداً، فلو صار الله بشراً ولم يعد إلهاً فهنا يمكن القول إنه قد تغير، ولكن هذا لم يحصل إطلاقاً لأن الله بقي الإله الواحد.

بعد أن تأملنا بصفات الله الخاصة به وحده، نجيب عن السؤال:

كيف ولماذا وما الدّافع لكي يتجسد الله بشراً ويصير إنساناً مثلنا ولكن من دون خطية؟

كما ذكرنا آنفاً، لا يَحُدُّ تجسد الله من قوّته ولا يُغيّر من مكانته ولا يقلّل من شأنه، بل على العكس تماماً فهذا يدلّ على قوّته وعَظَمته وحكمته وسلطانه الفائق. كيف ذلك؟ بكل بساطة لا ننظر إلى الحدث بصفتنا محامي الدّفاع عن الله، وكأنّنا غيارى عليه ونريد الدفاع عن عزّته ورفعته ومركزه ومجده وكأنّها مسلوبة منه أو مسروقة ونريد إعادتها إليه. إنّ الله مهما قال وفعل فلا يتغيّر شيءٌ من أوصافه أو صفاته الإلهية ولا يُمس جوهره ولا يقلُّ شأنُه، ولأنّ الله يفعل ما يشاء ووحده صاحب القدرة والسلطان، فمن يقدر أن يقول له "لا تفعل هذا أو ذاك لأنه يقلّل من شأنك"؟. كيف يتجرّأ إنسان أن يشير على الله وينصحه ويرشده؟ على هذا لنتجنّب علامة السؤال "كيف" ونكتفي ب "لماذا"، فيسهل علينا فهم هذا القرار الحكيم والحدث العظيم الذي شاءه الرب وتمّمه وهو تجسده في أحشاء امرأة في شخص ربنا يسوع المسيح له كل المجد.

سبب تجسد الله

لماذا تجسّد الله؟ بكل بساطة لأنّه يحبنا محبة فائقة لا تُحَدّ ولا تُوصف ولا تُقاس. وهل محبّته هذه لنا تدفعه ليتجسّد؟ بالطّبع نعم، فالله لو لم يكن يحبّنا هذه المحبة لنفّذ فينا عدالته مباشرةً. إنّ الله  بسبب الخطية التي فصلت بين الإنسان وبينه، حين عصى أبوانا آدم وحواء وصيته، حكم الله بعدلٍ بأنّ أجرة الخطية هي موت، وهنا لعبت المحبّة دورها دون أن تلغي عدالة الله فكانت خطته أن يتجسدّ بشخص ربنا يسوع المسيح في الوقت المعيّن منه ليفتدي البشرية من عقاب الخطية. تفاعلت محبته مع عدالته فأنتجت مصالحةً وخلاصاً  لكل البشر، ومن أراد أن يناله فهو متوفّر مجّاناّ في كل آن وزمان لكل الناس دون تمييز بين عرق ولون ولغة وطبقة، لأنّ الله يحب الجميع كما هو مكتوب في إنجيل يوحنّا 3: 16 ، وحين دنت ساعة الفداء قال الرب يسوع عنها في إنجيل يوحنّا 17: 1 . إنّه الله الجبار القوي العادل خالق السموات والأرض، تواضع لأجلنا لأنّه يحبنا محبة أبدية فأدام لنا الرّحمة والنّعمة بفدائه إيانا من عقاب الخطية.